- اقتباس :
مقدمة
عن علم المواريث
المال من
أساسيات الحياة أو عصب الحياة كما يقولون ، وهو وسيلة لا غاية ، فالتعامل بين
الناس إنما يكون به ، من بيع وشراء وغيره ، أما إذا استعمل في غير الوجه الصحيح
فإنه يكون شرّّا ووبالا على الناس وخاصة إذا كان غاية . ومع ذلك فإن المال نعمة
من نعم الله ، ولذلك وجب على الإنسان أن يسعى في تحصيله ، ووردت نصوص في تحصيله
منها قوله تعالى : (وابتغ فيما آتاك الله الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من
الدنيا) . ومن الحديث ورد الكثير ومثال ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : (أفضل
الكسب كسب الرجل من يده) . وحذّر الرسول صلى الله عليه وسلم من الفقر فكان
دعائه (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ،
لا إله إلا أنت) ، فاعتبر الإسلام أن الفقر المحوج المذل لكرامة الإنسان قرينا
للكفر ، وحذّر من المسألة ، ولم يحلها إلا لثلاث : (لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم
مفظع ، أو لذي دم موجع) .
ومع هذا وذاك
، فإن الدنيا كلها بجميع ما فيها من مال ومتاع ليست شيئا بجانب ما في الآخرة من
رضوان الله ونعيمه ، ولذلك ورد الكثير في القرآن والسنة حول ذلك .
وبجانب هذا التمثيل الذي يحطّ من شأن الدنيا والذي يجعل المرء لا يحرص
حين يجيء أجله على أن يترك كل ما يملكه لأبنائه وحدهم ، بل يتركه كما قسمه الله
للأسرة كلها ، ولم يفصّل القرآن حكما من الأحكام الشرعية كما فصّل الميراث ،
كما نجد القرآن من ناحية ثانية يغرس في نفوسنا حقيقة أخرى ، وهي أن هذا المال
ليس ملكا لنا حقّا ، بل هو مال الله جعله ودائع بين أيدينا إلى آجال محدودة حتى
نجعل منه حقّا للسائل والمحروم قال تعالى : (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) ،
وقال تعالى : (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه .....)
وإذا كان
المال الذي بين أيدينا لله سبحانه وتعالى وأننا مستخلفون فيه ، فإنه لا يجوز
لنا أن نبذّره ، وأن نضعه في غير مواضعه ، ولذا فقد حجر على المبذّرين
والمسرفين ، ومنعوا من تصرفاتهم قال تعالى : (ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم التي
جعل الله لكم قياما) .
وإذا مات
الإنسان وترك مالا فإنه يجب أن يؤول إلى أعز الناس إليه وهم فروعه ، وأصوله ،
وحواشيه ، وأقرباؤه . ولذلك فإن نظام الميراث في الشريعة الإسلامية يفتت الثروة
العامة ولا يجعلها مكدسة بين أيدي الناس دون الآخرين .
والأسباب التي دفعتني للكتابة عن علم المواريث ضمن موقع
Agargam
هو لعلاقته المباشرة
بالحساب والأرقام ، وثانيا هذا الحديث الذي استوقفني كثيرا وهو : عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تعلموا الفرائض وعلموها فإنها نصف
العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شيء ينزع من أمتي) رواه ابن ماجة والدارقطني (نيل
االأوطار) .
إذن هو أول علم يفقد
في الأرض ، وعليه يكون من واجبنا الحث على تعليمه والتذكير به ، ولذا قمنا بنقل
ملخص ميسر عن علم المواريث قمنا بنسخه من الشبكة ، وهو بمثابة نقطة البداية لمن
أراد الإلمام الكامل لهذا العلم العظيم خصوصا قسم المسائل المختلفة وحلولها ،
إلى جانب بعض التفاصيل التي لم نوردها مخافة التطويل . فقد قمنا بعمل خمس صفحات
ما عليك إلا التنقل بينها بالنقر على الرقم المطلوب أسفل كل صفحة .
من أشهر من ألف في علم المواريث هو سراج الدين محمد بن محمود السجاوندي
الحنفي – من علماء القرن السابع الهجري – وضع متنا سمّاه (متن السراجية) .
وأشهر شروحه شرح السيد الشريف الجرجاني المتوفى سنة 814 هجري ، ولا يزال هذا
الكتاب والشرح من المصادر الموثوق بها إلى يومنا هذا .
موجز آخر مختصر عن علم المواريث
اعلم أن أحكام المواريث صنفت فيها
التصانيف المستقلة من مختصرة و مطولة و قد ذكر العلماء من فضلها و الاهتمام
بشأنها ما لا يتسع هذا الوضع لذكره و هي من الأحكام التي بينها الله مفصلة في
كتابه، و قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح: " ألحقوا الفرائض
بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " : و لما كانت على هذه الصفة قل الخلاف فيها
جداً بالنسبة إلى غيرها، و حصل الاتفاق على أحكامها و لله الحمد، لأن الآيات
القرآنية المتعلقة بها مع الحديث المذكور تجمع مسائلها، و تضم مفارقاتها، و
إلحاق الفرائض بأهلها ثم بقي يعطي أقرب العصبات، و هو الطريق لفهمها فلا أبلغ
في التعليم من سلوك الطرق التي نبه الشارع عليها لكمال علمه و سعة حكمته و
رحمته. و لننشر ذلك و ننبه عليه تنبيها يحصل به المقصود. فأعلم أن أحكام
الفرائض كلها تنبني على معرفة ثلاثة أمور:
أحدها:
في ذكر أهل الفرائض و الشروط المشترطة لإرث كل منهم فرضه المخصوص.
و الثاني
: في ذكر العصبات و درجاتهم و كيفية تقديم بعضهم على بعض.
و الثالث:
في ذكر الرد و العول، و أما إرث ذوي الأرحام فهو فرع عن ذلك أما الأمر الأول
ففي ذكر أهل الفروض و شروط إرثهم لها. أما الفروض فهي النصف و الربع و الثمن و
الثلثان و الثلث و السدس فرضها الله للزوجين و للبنات و إن نزلن و الأخوات
مطلقاً و الأخوة من الأم و الأصول مطلقاً. فالزوج له حالتان: يرث النصف إذا لم
يكن لزوجته ولد صلب و لا ولد ابن لا ذكر و لا أنثى. لا منه و لا من غيره و هذا
هو المراد بالولد عند الإطلاق. و له الربع مع وجود أحد من المذكورين. والزوجة
واحدة أو متعددة لها حالتان: ترث الربع مع عدم الولد و الثمن مع وجوده. و للأم
ثلاث حالات: ترث السدس مع وجود الولد أو أثنين فأكثر من الإخوة و الأخوات. و
ترث الثلث مع فقد المذكورين و ترث الباقي في العمريتين و هما أب و أم مع زوج أو
زوجة. أما الجدة أو الجدات فليس لها إلا حال واحدة حيث ورثت ترث السدس بكل حال
و الأب يرث السدس مع وجود الأولاد ذكورا و إناثا فمع الذكور لا يزيد عليه. و مع
الإناث إن بقي بعد الفروض شيء أخذه. و مع عدم الأولاد مطلقاً يرث بلا تقدير و
الجد. عند عدم حكمه حكمه إلا مع الأخوة مطلقا و أنهم لا يرثون معه كما لا يرثون
مع الأب، و هو إحدى الروايتين عن أحمد اختارها الشيخ و هو أصح بل هو الصواب
لأدلة كثيرة عليه. و للبنت الواحدة النصف إذا لم يكن في درجتها أحد. و بنت
الإبن كذلك بشرطين: أن لا يكون بدرجتها أحد و لا فو